Articles

في هذا اليوم المشرق من ذاكرة العطاء، وقف متعلّمو ثانوية حسام الدين الحريري – القسم الثانوي، وقفة اعتزاز وإجلال أمام ذكرى المؤسّسين؛

في هذا اليوم المشرق من ذاكرة العطاء، وقف متعلّمو ثانوية حسام الدين الحريري – القسم الثانوي، وقفة اعتزاز وإجلال أمام ذكرى المؤسّسين؛ أولئك الذين حملوا في قلوبهم شعلة الإيمان، وفي عقولهم وهج الفكرة، وفي عزيمتهم معاول البناء، فانطلقوا بحلمهم الكبير الذي شيّدوه بالصبر والإرادة، وغرسوه بالقيم التي آمنوا بها: بالعلم رسالة، وبالخلق أساسًا، وبالخير غايةً لا تنتظر جزاء.

افتُتِح الحفل بالنشيدين الوطني والمقاصدي، تلتْه كلمة للأستاذ خليل المتبولي أضاء فيها على محطّات من تاريخ المقاصد العريق. كما تخلّل الحفل إلقاء قصيدتين: الأولى قدّمها التلميذ هاني الخولي من كلمات المعلمة أماني العوجي، والثانية ألقاها التلميذ نسيم المتبولي من كلمات الأستاذ خليل المتبولي، فكان الشعر شاهدًا على الامتداد الروحي والفكري للمؤسّسين.

وقد تضمّن الحفل عرض الكلمة المسجّلة لرئيس جمعيّة المقاصد، الأستاذ محمد فايز البزري، التي حملت في مضمونها رسالة التمسّك بالإرث والقيم التي انطلقت منها هذه المسيرة التربوية الرائدة، تلتها مداخلة ملهمة لمديرة الثانوية، السيّدة دينا جرادي، أكّدت فيها على دور الجيل الحاضر في مواصلة البناء، وعلى أهمية استحضار جذورنا لنمضي بثبات نحو المستقبل.

بهذا اللقاء، جسّد أبناء المقاصد وفاءهم لتاريخٍ لم يُكتب بالحبر وحده، بل حُفر في الضمائر، ليظلّ حاضرًا في كل خطوة تُبنى على قيم المؤسّسين ونهجهم.

يا شُعلَةَ العِلمِ، يا مَنارةَ المقاصِدِ
طَريقُ المَعارفِ، دَربُ كلِّ قاصِدِ
تُضيئينَ دَربَ السائرينَ بنورِكِ
وتَمنحينَ العَقلَ رشدًا وافِدِ
فيا مَن تُحيينَ الفُؤادَ بحِكمةٍ
وتَغرِسينَ الوَعيَ في القلبِ الراشِدِ
أيا قَلعَةً للعلمِ شامِخةَ الذُّرى
تطاوَلتِ الأزمانُ دونَ تباعدِ
لكِ المجدُ في كلِّ الحقولِ تجلّتِ
وسِرتِ كنورِ الفجرِ بينَ الموائِدِ
سَنَمضي على نهجِ العُقولِ وقُدوتي
شُداةُ المعارفِ في ارتقاءِ المَراصِدِ
بكلِّ حُروفِ الضادِ نَسجتِ فخرَنا
وفيكِ تلاقى الحِبرُ باللحن الشاردِ
على سُبُلِ الإبداعِ تَرقينَ رِفعةً
وتَبعثرينَ الجَهلَ دونَ مُراقِدِ
لكِ المجدُ، يا مَن في المعارفِ عزُّنا
وفيكِ تجلّت مَكرماتُ المُجاهدِ
إذا ما دَعاكِ الطامحونَ لغايةٍ
كُنتِ الدّليلَ، وكنتِ زادَ الزاهدِ
تُمدّينَ فينا كلَّ فَجرٍ مؤمَّلٍ
وتَصنعينَ مِنّا كلَّ حُرٍّ مُعاهِدِ
أيا “مقاصدَ” عزِّنا ومفخرَتنا
وسِرَّ أجيالٍ على الدربِ الصّامِدِ
غذّيتِ أبناءَ البلادِ تربيةً
وعلّمتِ الأذهانَ نَهجَ المُوحِّدِ
زرعتِ في الألبابِ بذرَةَ حِكمةٍ
وأوقَدتِ الأرواحَ شوقَ المُساعِدِ
مضيتِ، وما كلَّتْ خُطاكِ بعَثرةٍ
ولا خابَ فيكِ الطامحُ المُتَعاهِدِ
فأنتِ الشُّعاعُ المُستنيرُ لأمَّةٍ
تُعاني، ولكنْ بالعلومِ تُجاهدِ
تحيّةُ إكبارٍ لكلِّ مُؤسِّسٍ
سَرى دربَ حقٍّ دونَ أيِّ تباعدِ
لِمَن قد تَفانَوا في الرسالةِ إخلاصًا
وزرَعوا بها خَيرَ الفِعالِ الصّاعِدِ
هُمُ الحاملونَ اللّواءَ في كلِّ أزْمَةٍ
وحينَ تداعى الوقتُ كانوا السَّنادِ
بنَوا للهدى جِسرَ العطاءِ بعزمِهم
وما خافَ يومًا قلبُهم من مُعانِدِ
فللهِ دَرُّ القائمينَ على المدى
شموسُ عَطائهم في الدُّجى لا تُباعدِ
وفي كلِّ جيلٍ سوفَ تُروى حكايةٌ
بها “المقاصدُ” تبقى فخرَ الوالدِ
خليل المتبولي
مقاصدُنا… حين يُصبحُ الضوءُ ذاكرة
ليستِ المقاصدُ
جدرانًا تُشيَّدُ فوقَ صمتِ الحجر،
ولا أروقةً تعبُرُها ظلالُ الضجيج،
ولا اسمًا تعثّرَ في سجلات العابرين،
بل هي المأوى إذا تاهَ المعنى،
والنبضُ إن ضلّ القلبُ طريقه،
هي الهمسةُ التي يُوقظها الرجاء،
والحلمُ إذا التفتَ إليه الضوءُ في منتصف الطريق.
مقاصدُنا…
يا ذاكرةً من نورٍ لا يبهت،
ويا رايةً للخيرِ لا تنحني،
فيكِ أدركنا أنّ العلمَ
ليس حروفًا تُردَّد،
بل مشعلٌ نُشعلُ به العتمات،
وأنّ القيمَ
ليست مبادئَ تُعلَّق على الجدران،
بل خطواتٌ نعيشها… بين القولِ والفعل.
فيكِ،
ولد القادةُ لا ليلبسوا الألقاب،
بل ليكتبوا الوطنَ في أعينِ التعب،
ويمضوا حيثُ تُزهرُ الإرادةُ فوقَ الرماد.
على مقاعدكِ…
تربّت الأحلامُ على التعب،
فشبّت،
وصارت واقعًا يُكتبُ في الضوء،
وتُشار إليه الأصابعُ بامتنان.
في ممراتكِ…
عَبَر من حفروا دروبًا من فكر،
ومن بين جدرانكِ
خرج من حملوا في أرواحهم
وهجَ المعرفة،
وصوتَ الكرامة.
مقاصدُنا…
كيف ننساكِ؟
وأنتِ ما زلتِ فينا
صوتًا لا يخفت،
ونبضًا لا يهدأ،
وحكايةً تنمو كلّما رُويت.
أنتِ الوعدُ الذي لا يُنكَر،
والضوءُ الذي لا يغيب،
والأثرُ الذي لا يُمحى،
والبصمةُ التي لا تبهتُ مهما طال الزمن.
يا يدًا امتدّت حين كادت الأحلامُ تسقط،
يا صرحًا، كلّما ابتعدنا عنه،
اقتربنا إليه بذاكرةٍ دامعة،
يا وطنًا لا تضيّعه السنون.
سلامٌ عليكِ،
ما دام في القلبِ نبضٌ يُجيد الوفاء،
وفي الروحِ حلمٌ لا يعرف التراجع،
وسلامٌ عليكِ…
يا ذاكرةَ الضوء،
ويا ظلَّ البداية،
ويا رايةً لا تسقط.
أماني العوجي