لغتي … هُويّتي
لو لم تكن أمّ اللّغات هي المنى لكسرتُ أقلامي وعفتُ مِدادي
لغةٌ إذا وقعت على أسماعنا كانت لنا بردًا على الأكبادِ
ستظلّ رابطةً تؤلّف بيننا فهي الرّجاء لناطق بالضّادِ
لغتي العربيّة، بكِ أفتخر، وبكِ أحيا… فأنتِ مستودعٌ شعوريّ هائل يحمل خصائص الأمّة وتصوّراتها وعقيدتها وتاريخها. وأنتِ أنقى اللّغات، لأنّكِ تفرّدتِ بطرق التّعبير العلميّ والفنّيّ، بسِعة أسمائك وأفعالك وحروفك، وجولاتك في الإشتقاق، ومأخوذاتك البديعيّة، في استعاراتك وغرائب تصرّفاتك، في انتصاراتك ولفظ كناياتك. إنّكِ مظهرٌ من مظاهر التّاريخ، فأنتِ اللّغة الثّابتة الّتي لا تزول إلاّ بزوال الأمّة وانسلاخها من تاريخها.
ماذا أقول فيكِ، وأنتِ كالعود إذا نُقِر على أحد أوتاره رنّت لديكِ جميع الأوتار وخفقت، ثمّ توهّج في أعماق النّفس من وراء حدود المعنى موكبًا من العواطف والصّور؟
يحاولون طمسك، والتّخلّي عنك، وهم لا يدركون أنّك لغةٌ كاملة محبّبة عجيبة، تمثّل كلماتها خطرات النّفوس، ونبضات القلوب، ونبرات الحياة.
ومن أجلك، وككلّ عامّ، في الثّامن عشر من كانون الأوّل، لهجت ألسنة متعلّمي ثانويّة حسام الدّين الحريري بإسمك، إحياءً ليومك العالميّ، فاعتلوا المنابر ناطقين بعباراتك المحفورة في قلوبهم وأذهانهم، وتغنّوا بقصائدك وسحر بيانك. كما خطّوا بأناملهم السّحريّة أروع الرّسومات وأجملها، فأبدعوا في ابتكار الجداريّات والمجسّمات الّتي حملت في طيّاتها رسائل ومغزى، داعين من خلالها إلى ضرورة المحافظة على إرثك وحضارتك، والتّمسّك بتفرّدك وخصائصك. كيف لا؟ و”نحن قوم تؤنسنا اللّغة، فكلّما سُقم الحال اعتلينا صهوة قصيدة”.
كما لم يتوانَ معلّمو وإداريّو القسم الثّانويّ في هذا اليوم عن المشاركة في مسابقة “إحياء اليوم العالميّ للّغة العربيّة” معبّرين عن شغفهم للغتهم الأمّ، وتمرّسهم بها، فولّدت بذلك جوًّا من الألفة والمحبّة.
أعاهدكِ لغتي، بأنّنا سنبقى في ثانويّتنا، ثانويّة حسام الدّين الحريري، نحييك ما حيينا، فأنتِ:
لغتي وأفخر إذا بُليتُ بحبّها
فهي الجمال وفصلها التّبيانُ
عربيّة لا شكّ أنّ بيانها
متبسّمٌ في ثغرها القرآنُ
هنادي فرحات
منسّقة اللّغة العربيّة وآدابها في القسم الثّانويّ